لا وجود لغاية محددة وواضحة ينتظم حولها الوجود بأكمله ومن خلالها يتم إضفاء معني علي وجود الكائنات بل والطبيعة الجامدة أيضا ! فعندنا فى الأديان الإبراهيمية أن الإنسان هو سيد الكائنات يسخرها لخدمته وأن الطبيعة مضبوطة علي أداء الإنسان وعلي طبيعته بحسب الخطة الإلهية ، أي أن الله خلق العالم بأكمله من أجل غاية واحدة محددة وهي أن يكون الإنسان فى المركز تماما فيتسيد علي بقية الكائنات بأمر ورضا من الله وليس بفضل مكره ودهاءه فقط . هذه النظرة غير مقبولة من الطاوية بل هي هراء تماما يفنده طفل صغير كما فى الحكاية التالية من التراث الطاوي :
أقام السيد تيان من دولة تشي مأدبة فى قصره حضرها ألف ضيف .
وكان يجلس فى وسطهم فصارت أصناف السمك والطرائد تمر من أمامه فقال بإستمتاع شديد :
" كم هي سخية السماء علي الإنسان ! تصنع السماء خمسة أصناف من القمح للنمو وتجلب قبائل مزعنفة ومريشة مخصوصة لمتعتنا " صفق الجميع ما عدا ولدا فى الثانية عشرة قال :
" انها ليست كما قال سيدي ان الألاف المؤلفة من الكائنات ونحن أنفسنا ننتمي إلي نفس الفصيلة ، لا يوجد نبيل ووضيع . انه فقط بسبب الحجم والقوة أو المكر ، يسود أحد الأنواع علي الآخر ويتغذي أحدها بالأخر .. ولا أحد منها أُنتج لخدمة أغراض الأخرين . الانسان يمسك ويأكل ما هو مناسب لطعامه ، ولكن كيف يمكن اعتبار أن السماء انتجتها له تماما ؟ أن البعوض يمتص من دمه والنمور والذئاب تلتهم لحمه ، لكنا لا نستطيع القول أن السماء أنتجت الانسان لمنفعة البعوض والذئاب والنمور " توضح الحكاية أن الإنسان حينما يغتر بنجاحه وسيطرته علي بقية الكائنات ينسي أن هذا الوضع أُنتج من طبيعة الأمور الحالية وبفضل كفاءة ذكاء الإنسان مقارنة ببقية الكائنات التي فشلت إلي حد كبير فى صراعها مع الإنسان ، ويعتقد أن هكذا هو الوضع العادل و ما ينبغي أن يكون و الكون بأكمله يتمركز حول هذه الغاية ! ناسيا تاريخ أسلافه فى الغابة الحافل بإخفاقات أمام بقية الكائنات القوية والشرسة . فى هذا السياق أجد مقولة دالة جدا لا أتذكر أين قرأتها تقول : " من وجهة نظر الدودة الشريطية فأن الإنسان مخلوق من أجل خدمتها ومتعتها "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق