المعرفة المطلقة عند الطاويين ليست لها وجود ، فهي سطحية وغباء يليقان بنا نحن المثقلون بتراث الأديان الإبراهيمية الذي ما جاء إلا ليرسخ للمطلق بكل تجلياته . فتغدو معرفة الإنسان المستمدة من هذا التراث مطلقة فوق الزمان والمكان والتجربة وغير خاضعة لصيرورة التغيرات ، فالله متعال والإنسان خاضع للطبيعة والزمان خطي يبدأ بلحظة الخلق وينتهي بيوم حساب الكائن الإنساني الذي أصله من أدم ... إلي أخر هذه الخرافات ! لنري حوار دار بين اثنين من أباء الطاوية لنعرف إلي أي مدي كانت نظرتهم عميقة وبعيدة عن الاستسهال :
سأل يه تسويه وانغ يي : أتدري فيم تتفق الأشياء ؟
أجاب وانغ : أنّي لي أن أدري .
فسأله : أتدري ما الذي لا تدري به ؟
أجاب : أنّي لي أن أدري
فسأله : هل جميع الأشياء ليست لها دراية ؟
أجاب : أنّي لي أن أدري . وعلي أي حال سأسعي لأقول شيئا . كيف أعرف أن ما أقول أني اعرفه قد لا يكون فى الحقيقة هو مالا اعرفه ، وكيف اعرف ان ما اقول اني لا اعرفه قد يكون فى الحقيقة هو ما أعرفه واطرح عليك هذه الأسئلة : اذا نام انسان فى مكان وخم اوجعه حقوه وصار نصف جسده فى حكم الميت . لكن الحال مختلف مع سمك الانكليس . اذا عاش انسان فوق شجرة يصاب بالرعب والرعدة ولكن هل هذا هو حال السعادين ؟ من بين هذه الثلاثة من يعرف الطريقة الصحيحة فى السكن ؟ الناس يأكلون اللحم والغزال العشب ، والحريش يحب الأفاعي ، والبوم أو الغراب يحبان الفئران . من بين هذه الأربعة يعرف المذاق السليم ؟ ..... حينما اتبصر فى هذه الأمور اجد ان مبادئ الاحسان والاستقامة وطرائق الصح والغلط فى غاية الامتشاج والاختلاط . من أين لي ان أعرف الفارق بينها ؟
هذا الحوار السابق يبين بجلاء نسبية المعرفة والأحكام المسبقة التي تخضع لمنظور الرائي وموقعه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق