Bookmark and Share

الخميس، 26 نوفمبر 2009

من هم العرب

كان أول ظهور للعرب فى سجلات التاريخ فى نص شالمانصرالثالث ملك أشور ( 850ـ824 ق.) من مكتبة أشور بانيبال ( 639 ـ 630 ق.م ) الفقرة تتكلم عن" ملكات العرب " والوثائق التاريخية ترجع إلى أواخر القرن التاسع ق .م وتشير إلى قبائل مؤتلفة من البدو الرحل فى شمال شبه الجزيرة العربية والإشارة (ملكات العرب ) وأيضا أسماء قبائل مثل أمية ، كندة ، ربيعة جعلت البعض يطرح أن العرب عرفوا فى فترة ما من تاريخهم نظام المجتمع الأمومى
وأقدم نص عربى هو شاهد قبر أمرؤ القيس بن عمرو المتوفى فى 328 م وهو يذكر أن أمرؤ القيس هذا " ملك العرب كلهم " ويذكر أنه كان نائب قيصر الروم فى بلاد العرب
ولا توجد إشارة واحدة لوجود العرب بالإسم فى سجلات مصر القديمة الأمر الذى يجعلنا نقول أن العرب أمة حديثة لا وجود لها قبل الألف الأول قبل الميلاد
فالحروب والصراعات الإستعمارية الدائرة فى المنطقة فى الألف الثانية قبل الميلاد جعلت المدونين المصريين يذكروا بالإسم كل شعوب المنطقة
أما النصوص اليونانية فأول ظهور لهم فيها فى كتابةإسخيليوس (525ــ426 ق.م )وهو يشير إشارة عابرة إلى الخيول العربية ، ثم بعد ذلك يتكلم عنهم هيرودوت بالتفصيل فى (484ــ 424 ق.م )
وحينما يتحدث العرب عن أصلهم وعن أصل لغتهم تجد أساطير لا أساس لها وهى متضاربة مع بعضها البعض ، فتارة اللغة العربية هى لغة أهل الجنة وأن أدم تكلم بها ، وتارة أخرى أن يعرب جد العرب العاربة هو أول من تكلم بها ، وتارة أخرى أن إسماعيل أول من أُلهم العربية وهو فى سن الرابعة عشرة ،ويبذل عرب جنوب شبه الجزيرة العربية ـ اليمن ـ جهودا ملحوظة فى نسج الحكايات لإعلاء شأنهم ونسب أصل العرب لهم فنجد التقسيمة الكلاسيكية الشهيرة التى سار عليها المؤرخين التقليديين فيما بعد وهى عرب عاربة بالجنوب ينحدرون من سلالة قحطان وعرب مستعربة بالشمال ينحدرون من سلالة عدنان والأثنان ينتسبان إلى إسماعيل ابن إبراهيم الذى يعتبر الجد الأول للعرب !
ويذكر جواد على فى كتابه المهم ( المُفصّل فى تاريخ العرب قبل الإسلام )
أن هناك لفظة وردت فى كتابات البابلين تقول ( ماتو أرابى)matu A-Ra-bi، بمعنى أرض العرب ويخلص جواد على إلى القول
ومراد البابلين أو الأشوريين أو الفرس من العربية أو بلاد العرب البادية التى فى غرب نهر الفرات الممتدة إلى تخوم بلاد الشام )ثم يذكرنا جواد على أن الكلمة كانت تعنى البداوة والجفاف والفقر وهى وردت بهذا المعنى فى التوراة فى سفر أشعيا وهى فى كل الأحوال تعنى البادية التى بين الشام والعراق وهى موطن العرب
كذلك كان يقصد بها بولس فى رسالته إلى أهلا غلاطة حينما كان يذكر لهم تاريخ إيمانه وفترة الثلاث سنوات إعداد التى قضاها فى ( العربية ) وهى الصحراء الممتدة من جنوب دمشق وحتى اليمن
ويقول جواد على ( النص الوحيد الذى وردت فيه لفظة العرب علما على العرب جميعا من حضر وأعراب ونعت فيه لسانهم باللسان العربى هو القرآن الكريم )
هذه الفقرة الصريحة توضح كيف أن هذا الكتاب الشعرى كان السند الإيديولوجى لكل الدعاوى العروبية وهو الذى وحد راية مجموعة من الأقوام البشرية التى سكنت صحراء شبه الجزيرة العربية التى لم يكن يجمع بينهم أى شئ مشترك ـ ولا حتى اللغة ـ سوى الفقر والجفاف
،فكل من يقرأ تاريخ العرب قبل الإسلام يجد أن هناك الكثير من اللهجات المختلفة عن لهجة قريش التى تم فرضها بالقمع لاحقا على شعوب عديدة ، لدرجة أن فقهاء العروبة الذين كانوا يدعمون فى سلطة الخلافة الأموية عن طريق تدعيمهم لأسطورة النقاء العنصرى ، أخرجوا اللهجة الحميرية واللهجات الجنوبية الأخرى من اللغة العربية وأعتبروها أعجمية
فى دراسته الرائدة (مقدمة فى فقه اللغة العربية ) يطرح لويس عوض رأيا جديدا بشأن الهكسوس ــ الملوك الرعاة ــ الذين يُرجح أغلب العلماء أن أصولهم من منبع الهجرات البشرية الكبير حول بحر قزوين ، فهو يرى أن هذه الأعداد الكبيرة التى أخضعت دولة بحجم مصر لمدة تزيد على قرنين من الزمان لا يمكن أن تختفى فجأة من التاريخ ، فهذا يعقل على المستوى السياسى ، أى كدولة ونظام حكم ، ولكن لا يمكن أن يُعقل حدوث هذا على مستوى الوجود الفعلى للأفراد ، لذلك يقترح أن يكونوا قد حلوا بشبه الجزيرة العربية واستوطنوا هناك ويؤكد رأيه هذا بتتبع التشابهات اللغوية فى أسماء الأعلام التى تحفظها ذاكرة الأجيال رغم التحولات الدائمة
أيا كانت صحة هذا الرأى فالثابت عندنا أن العرب لاذكر لهم قبل الألف الأولى قبل الميلاد رغم وجود حضارات كبيرة فى المنطقة وأبجديات عديدة وحروب وتوسعات استعمارية ورحلات تجارية ، بين الحضارات الكبرى الثلاث الفرعونية والفينيقة والسومرية ووريثتها الأشورية
أما ما يطرحه مروجو الفكر القومى من أن لهم حضارة تعود أصولها لأكثر من ثلاثة آلاف عام فهذا الكلام كذب صريح ، الهدف منه محاولة مخجلة للتأصيل الحضارى عبر التمسح بالحضارات الكبرى فى المنطقة ومحاولة السطو على تاريخها ونسبه لمجموعة من البدو الرُحّل الذين لم يعرفوا الإستقرار الزراعى الذى هو أساس أى حضارة قديمة