Bookmark and Share

السبت، 7 مايو 2011

عنف أديان التوحيد

لم يذكر لنا تاريخ أديان التعدد " الوثنية " أي عنف جمعي علي أساس الدين يوجه ضد المختلف دينيا . صحيح أنه توجد حالات قليلة ، ولكنها كلها كانت موجهة لمن ينكر الألهة جملة وتفصيلا وليس لمن يعتقد في إله جديد أو مختلف عن الإله السائد فى ثقافة المجتمع ، مثل الذي حدث مع السفوسطائي بروتاغوراس ( حيث تمت مطاردته من قبل العامة فى أثينا لأنه ينكر وجود الإله ، حتي هرب بسفينة إنقلبت به فى البحر ) ومع ذلك فقد كان هناك العديد ممن ينكرون الإلهة صراحة ولم يحدث لهم شيء مثل أبيقور وديمقريطس وهيجسياس العدمي الذي كان يدعو إلي الانتحار علانية فى قورينا . ولم يقتصر الأمر علي قبول تعدد الألهة المحلية ، بل إمتد ليشمل أي إله وارد من ثقافة أخري : مثل عبادة الإله الشمسي الفارسي ميثرا ( المولود في 25 ديسمبر مثل يسوع ! ) داخل روما نفسها وريثة التراث اليوناني الكلاسيكي العظيم . كذلك عند دخول الإسكندر مصر فقد إحتفل به كهنة أمون داخل معبد أمون فى سيوة وتم تنصيبه هو ذاته كإله دون أي إعتراضات من المصريين ، كذلك حدث فى هذا العصر الهلليني مزج بين الألهة اليونانية والمصرية مثل الإله سيرابيس الذي يجمع بين ديونسيوس اليوناني وأوزير المصري فى شكل ثور، هذا الإله كان له معبدا ضخما فى الإسكندرية هدمه رعاع المسحيين فى القرن الرابع الميلادي فيما أذكر . يري المفكر الألماني يان أسمان ونحن معه أن التمييز الموسوي هو السبب فى دخول الكراهيية علي أساس ديني ونفي الآخر المختلف دينيا وعدم قبول التعدد فى الثقافة مما أوجد العنف لاحقا داخل كل الديانات الإبراهيمية ، ولكنني أري فى الحقيقة أن الأمر أبعد من ذلك ففكرة التوحيد ذاتها فكرة مطلقة لا تقبل بنسبية النظر إلي العالم وبالتالي لا تقبل بوجود أي رؤية أخري مغايرة لها ومن ثم لن تقبل بوجود إله آخر فقط وإنما سيتم تصنيف هؤلاء الداعون إلي إله آخر أو رؤية أخري بديلة علي أنهم أعداء لإلههم الواحد ، أي هم طرف النقيض فى ثنائية الخير والشر الكونية التي رسمها لهم دينهم ، وبالتالي سيكون من الطبيعي محاربة هؤلاء " الأشرار " الذين يقفون ضد الحقيقة المطلقة وفي مواجهة معسكر الخير الجمعي للإنسانية . وقد كانت بداية هذه النظرة النكبة علي يد الفرعون المصري المخرف إخناتون الذي دعا إلي إله واحد عالمي ، وإستخدم سلطته كحاكم لمصر فى هدم كل معابد أمون وإجبار الكهنة علي تقديم طقوس الدين الجديد والقبول مرغمين بأتون . وقد تأثرالتراث العبراني بشدة بما أتي به إخناتون لدرجة أن أناشيد الشمس تم نقلها حرفيا فى أحد المزامير مثلما أوضح برستيد في فجر الضمير مما سبق يتضح لنا أن فكرة التوحيد كانت نقمة علي الإنسانية وهي السبب الرئيسي فى كل ما نعانيه من اضطهاد الأغلبيات للأقليات هذا ناهيك عن الحروب الدينية التي لم يعرفها العالم القديم ( عالم التعدد ) إطلاقا .

الأحد، 1 مايو 2011

وهم حرية الإرادة

عندما نتكلم مع المؤمنين عن وجود " الشر " في العالم ومعرفة " الله " ـ المزعوم ـ المسبقة به وعدم تعديله للخلق قبل التصميم من حيث يتلافي دراما السقوط لإبليس ومن ثم أدم وحواء وبقية مسلسل النشوء الإبراهيمي ، يحاججوا بإنتفاء حرية إرادة الإنسان لو أن " الله " فعل ذلك . هنا أن الإنسان يمتلك حرية الإرادة أصلا بإطلاق وهذا في الحقيقة يتعارض مع واقع الحال فالإنسان يمتلك حرية إرادة حينما يتم القياس بالنسبة إلي إنسان آخر أو إلي كائن أدني في القدرات ، بينما بالقياس إلي كائن أعلي ـ مفترض ـ كالله ذاته فالإنسان لا يمتلك إرادته بل هو مربوط بحبل الضرورة ومقيد بقدراته المحدودة فى التعامل مع هذه الضرورة . فلو كان الله يريد للإنسان أن يكون حر الإرادة فعلا كان قد جعله ندا مساويا له فى جميع القدرات والإمكانيات كاملة دون نقصان ، حتي يستطيع التحرر من جميع القيود التي تربطه بما فيها الله ذاته : تبعيته الجبرية تحت طائلة العقاب لهذا الإله ـ وطبعا الخوف من العقاب هو إحدي الضرورات المقيدة ، أو إحدي الشروط التي " خُلق " عليها الإنسان .