Bookmark and Share

الخميس، 23 سبتمبر 2010

تناقضات الأناجيل 1 ـ الصلب

تختلف رواية الصلب فى الأناجيل حد التناقض الواضح فى أكثر من موقع ، وهذا يبين بشرية هذه النصوص ويسقط عنها إدعاء الوحي الذي لا يخطيء . ولنبدأ بلحظة القبض علي يسوع وتحديد من توجه إليه للقيام بذلك : فنجد أن متي يذكر التالي (26/47) : " وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ، إِذَا يَهُوذَا أَحَدُ الاثْنَيْ عَشَرَ قَدْ جَاءَ وَمَعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ بِسُيُوفٍ وَعِصِيٍّ مِنْ عِنْدِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَشُيُوخِ الشَّعْبِ " وزاد مرقس علي متي بذكر الكتبة والشيوخ ( مرقس 14/43 ) أما يوحنا فيذكر جند ( وطبعا لا جنود غير الرومان ) وخدم من عند رؤساء الكهنة وفريسيين ( يوحنا 18/3 ) أما لوقا فينفرد عن بقية الأناجيل الثلاثة بذكر حضور رؤساء الكهنة بأنفسهم إذ يقول ( 22/52 ) " ثُمَّ قَالَ يَسُوعُ لِرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَقُوَّادِ جُنْدِ الْهَيْكَلِ وَالشُّيُوخِ الْمُقْبِلِينَ عَلَيْهِ:«كَأَنَّهُ عَلَى لِصٍّ خَرَجْتُمْ بِسُيُوفٍ وَعِصِيٍّ! " وأيضا فى موعد المحاكمة تتناقض الأناجيل فبينما يتفق متي (26/57 ) ومرقس (14/53 ) ويوحنا (18/3 ) علي أن المحاكمة تمت فى نفس الليلة يذهب لوقا ( 22/66 ) أن المحاكمة جرت فى الصباح التالي لليلة القبض " وَلَمَّا كَانَ النَّهَارُ اجْتَمَعَتْ مَشْيَخَةُ الشَّعْبِ: رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ، وَأَصْعَدُوهُ إِلَى مَجْمَعِهِمْ 67 قَائِلِينَ:«إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمسِيحَ، فَقُلْ لَنَا» وينفرد مرقس بذكر عدد مرات صياح الديك " قبل أن يصيح الديك مرتين تنكرني ثلاث مرات" ( مرقس 14/72 ( بينما الثلاثة رواة الأخرين لم يذكروا عدد المرات وإنما يفهم ضمنيا أنها مرة واحدة : (لوقا 22/60) " قبل أن يصيح الديك تنكرني ثلاث مرات" و عند متي ( 26/75 ) " فَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ كَلاَمَ يَسُوعَ الَّذِي قَالَ لَهُ:«إِنَّكَ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ تُنْكِرُني ثَلاَثَ مَرَّاتٍ». فَخَرَجَ إِلَى خَارِجٍ وَبَكَى بُكَاءً مُرًّا. " وعند يوحنا ( 18/27 ) " فَأَنْكَرَ بُطْرُسُ أَيْضًا. وَلِلْوَقْتِ صَاحَ الدِّيكُ. " كذلك مسألة الجارية التي كشفت بطرس بها خلاف فى المرتين ، فبينما يذكر متي ويوحنا انه كان واقفا خارج الدار " وأما بطرس فكان جالساً خارجاً في الدار. فجاءت إليه جارية قائلة: وأنت كنت مع يسوع الجليلي" " ( متي 26/69 ) و " وأما بطرس فكان واقفاً عند الباب خارجاً" (يوحنا 8/16) يذهب مرقس ولوقا إلي انه كان داخل الدار يستدفيء من البرد : " بينما كان بطرس في الدار أسفل جاءت إحدى جواري رئيس الكهنة. فلما رأت بطرس يستدفئ نظرت إليه وقالت: وأنت كنت مع يسوع الناصري" (مرقس 14/66 ) و "ولما أضرموا ناراً في وسط الدار وجلسوا معاً جلس بطرس بينهم. فرأته جارية جالساً عند النار، فتفرست فيه وقالت: وهذا كان معه. " (لوقا 22/55-56) كذلك فى المرة الأخري : فبحسب متي تعرفت علي بطرس جارية أخري " " ثم إذ خرج إلى الدهليز رأته أخرى فقالت للذين هناك: وهذا كان مع يسوع الناصري" ( متى 26/71( ولكن عند مرقس فإن نفس الجارية هي التي رأته : " فرأته الجارية أيضاً، وابتدأت تقول للحاضرين: إن هذا منهم" (مرقس 14/69 ). أما عند لوقا فالذي رآه هذه المرة رجل : " وبعد قليل رآه آخر وقال: وأنت منهم.فقال بطرس: يا إنسان لست أنا" (لوقا 22/58) وعند يوحنا أيضا رجلا ولكن يوحنا يزيد بأنه كان قريبا لمن قطع بطرس أذنه بسيفه عند القبض علي يسوع : وذكر يوحنا أن هذا الرجل أحد عبيد رئيس الكهنة " قال واحد من عبيد رئيس الكهنة، وهو نسيب الذي قطع بطرس أذنه أما رأيتك أنا معه في البستان. فأنكر بطرس أيضاً" (يوحنا 18/26) كذلك واقعة حمل الصليب ، فبينما يؤكد يوحنا أن يسوع هو من حمل صليبه : " " فأخذوا يسوع ومضوا به ، فخرج وهو حامل صليبه إلى الموضع الذي يقال له الجمجمة "
)
يوحنا 19/17( يتفق الرواة الثلاثة الأخرون أن سمعان القيرواني هو الذي حمل الصليب : " ثم خرجوا لصلبه، فسخروا رجلا مجتازاً كان آتياً من الحقل ، وهو سمعان القيرواني أبو الكسندروس وروفس ليحمل صليبه " (مرقس 15/20 – 22 ) ( وأيضا متى 27/32 ، لوقا 23/26 ) وأيضا موقف اللصان اللذان صلبا معه : فبينما يروي متي ومرقس أن اللصين استهزءا بيسوع : "وَاللَّذَانِ صُلِبَا مَعَهُ كَانَا يُعَيِّرَانِهِ. " ( مرقس 15/32 ) و " " بذلك أيضاً كان اللصّان اللذان صلبا معه يعيّرانه"(متى 27/44 )

فى حين أن لوقا يذكر أن أحدهما استهزء به والآخر انتهره : " وكان واحد من المذنبين المعلقين يجدف عليه قائلاً: إن كنت أنت المسيح فخلّص نفسك وإيانا. فأجاب الآخر وانتهره قائلاً: أولا تخاف الله، .. فقال له يسوع: الحق أقول لك: إنك اليوم تكون معي في الفردوس" ( لوقا 23/39 – 43 ( وأيضا يحدث اختلاف فى آخر ما نطق به يسوع قبل موته فبينما يجعله متي ومرقس يطلق صرخة يأس ورفض مدوية : " إلهي إلهي لماذا تركتني " ( متى 27/46 - 50 ومرقس 15/34 - 37 ) يجعله لوقا راضيا بقدره : " يا أبتاه فى يديك أستودع روحي " ) لوقا 23/46) ومثله يوحنا ولكن باختلاف فى الكلمة حيث يقول : " قد أكمل " ونكس راسه وأسلم الروح " ( يوحنا 19/30 )

الخميس، 16 سبتمبر 2010

خصوصية الإسلام

بكل تأكيد لن أختلف علي أهمية اختفاء الأديان جميعا ـ وليس الإسلام وحده ـ من عقول الناس وما يتلو ذلك من زوال أي دور اجتماعي أو ثقافي فا عل لها فى الواقع .ولكن للإسلام خصوصية فى هذا السياق بحيث تجعله يحصل علي النصيب الأكبر من هذه الأمنيات ومن جهود عمل أي ملحد أولاديني يمتلك من الرؤية ما يسمح له من إدراك الدور المؤسف الذي يلعبه الاسلام كحجر عثرة فى سبيل الحضارة وفى سبيل تفعيل حقيقي عندنا للقيم الإنسانية التي ترسخت فى الغرب منذ أكثر من قرنين من عقلانية وحرية ومساواة تكفلها ممارسة حقيقية لمفهوم المواطنة وليس مجرد شعارات مكتوبة علي الورق من أجل أن يكتمل ديكور "الديموقراطية " دون أن يكون هناك ما يعزز ذلك علي أرض الواقع .يؤكد هذه الخصوصية التي للإسلام نقطتان غاية فى الأهمية : الأولي تتعلق بطبيعة النص نفسه ( القرآن ) وما يحويه من كثافة عالية جدا عن بقية النصوص الدينية من حث علي العنف ضد المخالف فى العقيدة ويكفي مراجعة سورة التوبة التي يمكن إعتبارها برنامج إبادة شامل لغير المسلمين .وأيضا فى سياق خصوصية النص فالقرآن هو النص الديني الوحيد الذي يقدم نظام حياة اجتماعي وسياسي ولا يريد التنازل عنه . يعني بلغة أخري الاسلام ليس دينا فقط وإنما دين ودولة . وهذه القابلية الموجودة فى النص للتسلط ـ هي ما جعلت مفهوم الحاكمية لله يظهر وغيره من مفاهيم ثيوقراطية جعلت رجل الدين يزيح السياسي تماما ويستولي علي دوره كاملا كما حدث فى ثورة الملالي فى إيران . النقطة الأخري تتعلق بالسياق التاريخي والاجتماعي للمنطقة التي يسيطر عليها الإسلام .دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا . فنحن ثقافيا لانزال نعيش فى العصور الوسطي : لم نشهد نهضة حقيقية تدير ظهرها لما هو ديني وتعانق الدنيوي ، وتكسر سلطة الأعراف والتقاليد العشائرية وتفصل فصلا كاملا بين الدين ونظام الحكم مثلما حدث فى أوربا علي مراحل بعد العصور الوسطي . هذا السبب هو ما جعل المسيحية ـ التي كانت وحشا شرسا كما الاسلام الآن ـ تتخلي مجبرة عن دورها المعيق للحضارة والقيم الإنسانية ، وتقبل مرغمة أيضا ثورة إصلاحية تجعل دور رجال الدين لايخرج عن محيط دور العبادة . وطبعا هذا لم يحدث عندنا فلا نزال نبحث عن "رخصة " عند رجل الدين لكل أفعالنا من أول رؤيتنا للعالم والتفسيرات العلمية ( هناك مهزلة اسمها الإعجاز العلمي !) وحتي طريقة المضاجعة واختيار الملبس ! هذه أمور أراها فى غاية الوضح لذلك أتعجب بشدة حينما يهاجمني صبيان العلمانية ( الهجوم من المسلمين شيء متوقع ولا يُدهش )ورافعو لافتة اللادينية حينما أهاجم الاسلام ! دون أن يسألوا أنفسهم عن الأسباب الحقيقة التي تجعل التربة الإسلامية رافضة حتي الآن لإقامة نظام علماني حقيقي فيما عدا النموذج التركي الذي فرضه أتاتورك بالقوة فى عشرينيات القرن السابق ويتعرض الآن لضربات عنيفة من الإسلاميين هناك .