" أناشدكم أن تظلوا أوفياء للأرض ياإخوتى ، وألا تصدقوا أولئك الذين يحدثونكم عن أمال فوق أرضية ! معدو سموم أولئك ، سواء أكانوا يعلمون ذلك أو لا يعلمون .مستخفون بالحياة هم ، محتضرون ومتسممون بدورهم ، مَلّتهم الحياة : فليرحلوا إذن ! "
نيتشه
تشترك الأديان جميعا فى التحقير من الحياة وذمها فى مقابل إعلاء شأن فكرة العالم الآخر . فالأديان الإبراهيمية ترى العالم ساقطا بسبب فكرة الخطيئة الأولى أو العصيان للأمر الإلهى بالنهى عن الأكل من الشجرة المحرمة ، هذا العصيان الذى تسبب فى طرد الإنسان من الجنة وسقوطه إلى عالم الشرور والمعاناة . كذلك بقية الأديان تعزف تنويعات على هذه المقطوعة السخيفة ، فعالم الظواهر هو وهم ، مايا فى الهندوسية ، وهو معاناة فى البوذية ...إلخ لن تجد دينا واحدا يثمن الحياة وينظر لها بفرح .كذلك المحقرين الجدد ينسجون على منوال الأديان ، يحقرون الحياة ، رغم أنهم يعيشون على جسدها كالطفيليات ، ينزعون عنها أى قيمة ، رغم أنهم يقدسون نفاياتهم الخاصة كأرائهم مثلا !،ويستندون فى ذلك إلى نفس الأسئلة الميتافيزيقية القديمة التى أستندت عليها الأديان فى حربها ضد الإنسان والحياة : من أين أتينا ؟إلى أين نحن ذاهبون ؟ وهم لا يكتفون بالأجوبة النسبية التى يقدمها العلم ، لأنهم إطلاقيين ـ المرض الذى يشترك فيه كل الميتافيزيقيين ، سواء كانوا دينيين أم لا ـ فيريدون أجوبة مطلقة . وطبعا لأنه ليست هناك أجوبة مطلقة ، بل لأنه لا وجود لمطلق من الأساس فى خطاب العلم أو الفلسفة الحديثة ، فيهرع هؤلاء الصغار المحقرين الجدد إلى رفات هذا المطلق ينبشونها كى يحصلوا على حق الكلام بإسم هذا المطلق ، فيموهوا خطابا متهافتا يظنون أنهم يرهبون به الملحدين الذين يعيشون خارج الحظيرة الخرافية للقطيع الإلهى . هذا الخطاب السخيف يرتكز على : 1 ـ نحن أيضا ملحدين ( أشك أن هذا أحد مفردات التمويه الذى يعتمدون عليه لتمرير خطابهم ) 2ـ إحتقار الهنا والآن ونزع أى قيمة عن الحياة 3ـ رفض مطلق للعلم ولمنجزاته ( وهو رفض صبيانى ويتناقض مع طريقة حياتهم ، فهم لا يعيشون عرايا فى الغابة، وإنما يعتمدون إعتماد كلى على هذا العلم الذى يحتقرونه ! مثل المتسول البائس الذى يسب من يحسن إليه ، وهو نوع من الجحود يدل على خسة طبع وإنحطاط خلقى ! ) وهم مثل أسلافهم القدامى أصحاب الأديان يبذلون أقصى ما عندهم من جهد للحقد على الحياة وإحتقارها ، ولكنهم فى الأغلب يغيرون إسم الإله بدلا من الله ، يطلقون عليه العدم !وفى الحقيقة فإن الأسماء لا تعنى شئ بل لا تهم على الإطلاق ، فالوعى واحد فى الحالتين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق