من خلال قراءاتى فى التراث الأسطورى لأغلب شعوب العالم ، أكتشفت ملاحظة أجدها دالة بمعانى عديدة ، وهى عدم وجود إله للضحك فى كل الثقافات ، رغم وجود إله ، أو أكثر لكل المشاعر والأنشطة الإنسانية : الحب ، الجنس ، الشر ، السكر،الحكمة ، الزراعة ، الطب ، الكتابة، بل أن التجار واللصوص لهم إله ( هيرمس الإغريقى، الذى له مهام عديدة ) لم يكتف الإنسان بإسقاط أنشطته وإنفعالته على العالم الغيبى وتجسيدها فى إلهة مشخصة تشبهه إلى حد كبير ، بل أنه مد هذه الألية ليطال به قوى الطبيعة أيضا ، فنجد مثلا إله للبحر ، وآخر للنهر ، المطر ، والبرق ... إلخ فى هذا السياق تصبح ملاحظتى مدهشة الغرابة !إلا إذا كان اللاوعى الجمعى للشعوب الذى يصنع الأساطير ، لا يعمل بعشوائية ، وأنا أظن أنه كذلك .فتخطيه للضحك ليس صدفة أبدا . فالضحك هو ضد المقدس بإمتياز وليس المدنس كما يتوهم البعض ، فالمدنس قد يكون مقدسا فى سياق آخر ، كما أنه يتطلب من الذات التماهى معه عبر الرغبة ، مثلما يتطلب المقدس التماهى ولكن عبر الوعى . أما الضحك فهو حالة إنفلات خاصة وفردية مطلقة ، أى أنه ضد عملية التماهى التى هى أساس المقدس والمدنس معا .ليس هذا هو السبب الوحيد ، ولكن هناك أيضا سببا أخر مهم وهو أن الضحك النشاط الإنسانى بإمتياز ، فبقية أنشطة أو إنفعالات الإنسان الأخرى تشاركه فيها أو تتشابه معه بقية الكائنات بشكل أو بآخر ، إلا الضحك الذى هو خاص بالإنسان فقط ، وطبعا هذا لا يلائم الأسطورة لأنها ذات وظيفة كونية ، فهى تقدم رؤية شاملة للعالم بداخلها يتموضع الإنسان فى مكانه ولكنه لا يحتل هذه الرؤية وحده بمعزل عن بقية الكائنات . من الكتاب الذين فطنوا لأهمية الضحك فى محاربته لروح الجمود فى الأديان الإيطالى إمبرتو إيكو فى روايته الشهيرة اسم الوردة جعل الصراع الرئيسى يدور حول محاولة رهبان أحد الأديرة فى العصور الوسطى إخفاء الجزءالثانى من فن الشعر لأرسطو الكوميديا ( لم يكتب أرسطو فى الواقع سوى التراجيديا فقط )غير متورعين فى سبيل ذلك عن اللجوء لقتل أى شخص يعرف بسر هذا المخطوط أو يحاول كشفه ، وذلك حتى يحموا الجدية التى هى أساس الإيمان !
resep tumis jantung pisang paling mantap
قبل 7 أعوام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق