Bookmark and Share

الجمعة، 23 أبريل 2010

بوذية التشان Chan

دخلت البوذية الصين فى القرن الأول قبل الميلاد قادمة من الهند ولكنها ظلت ضعيفة الإنتشار ولم تزدهر و تأخذ منحي خاص يتسم بطابع الثقافة الصينية إلا فى القرن السادس الميلادي ويقال أن هذا قد تم علي يد الراهب البوذي غريب الأطوار بوذيدهارما Bodhidharma الذي يسميه الصينيون بـ " تا مو " ورغم وجود كتابين ينسبان إلي هذا الراهب ( كلاسيكيات تغيير الأوتار ، وكلاسيكيات تطهير النقي ) إلا أنه لا يوجد دليل علي وجوده ويعتقد أغلب الأكاديميين انه شخصية أسطورية وأهم ما يدعو له هو عدم إعتماد الثنائيات المتضادة أي عدم الفصل بين الروح والجسد ، الأنثي والذكر ، الحركة والسكون ويعتبر أن أقصي درجات الوعي عند الإنسان هي عدم التفريق بين النقائض . قيل أن تا مو قد أعتزل العالم فى غرفة بمعبد Shao- Lin لمدة تسع سنوات وقد جائه أحد الرهبان يريد أن يتعلم منه وقد أراد أن يلفت نظره إليه فقام بقطع يده دليلا علي جديته فى التعلم ولكنه لم يلتفت إليه ! .

يعتبر هوي ننغ ( 638 ـ 713 ) هو المؤسس الحقيقي لمذهب التشان Chan الذي أزدهر فى عهد أسرة تانغ وقد أنكر هوي ننغ وجود العالم المادي تماما خارج عقولنا ورأي أن طبيعة البوذا موجودة داخل كل انسان وانه يستطيع الوصول إليهاعن طريق تصفية نفسه من العلائق التي تشده إلي العالم وتنقية عقله بالرؤية السليمة وعدم تشتيت ذهنه . وكان يعتقد أن الاستنارة تحدث بالتدريج وليس فجأة كما سيذهب البعض من مذهب التشان نفسه فيما بعد . والوصوللإستنارة ليس عن طريق التعلم أو بحفظ أقوال البوذا وممارسة التعاليم بقدر ما هو ناتج عن الاستبطان الداخلي فـ " عندما يعرف الإنسان طبيعته ، فقد يظفر بالطبيعة البوذية من خلال الاستنارة المستمرة ويدرك الحقيقة ويصبح بوذا " والتشان na -Chan هي كتابة بأحرف صينية للكلمة السينسكريتية dhyana التي تعني الإستغراق فى التأمل ، وعندما وصلت اليابان أصبحت تُنطق هكذا zenna ثم أصبح المقطع الأول chan ينطق هكذاzen

الأحد، 18 أبريل 2010

الطاوية تنكر الغائية

لا وجود لغاية محددة وواضحة ينتظم حولها الوجود بأكمله ومن خلالها يتم إضفاء معني علي وجود الكائنات بل والطبيعة الجامدة أيضا ! فعندنا فى الأديان الإبراهيمية أن الإنسان هو سيد الكائنات يسخرها لخدمته وأن الطبيعة مضبوطة علي أداء الإنسان وعلي طبيعته بحسب الخطة الإلهية ، أي أن الله خلق العالم بأكمله من أجل غاية واحدة محددة وهي أن يكون الإنسان فى المركز تماما فيتسيد علي بقية الكائنات بأمر ورضا من الله وليس بفضل مكره ودهاءه فقط . هذه النظرة غير مقبولة من الطاوية بل هي هراء تماما يفنده طفل صغير كما فى الحكاية التالية من التراث الطاوي :

أقام السيد تيان من دولة تشي مأدبة فى قصره حضرها ألف ضيف .

وكان يجلس فى وسطهم فصارت أصناف السمك والطرائد تمر من أمامه فقال بإستمتاع شديد :

" كم هي سخية السماء علي الإنسان ! تصنع السماء خمسة أصناف من القمح للنمو وتجلب قبائل مزعنفة ومريشة مخصوصة لمتعتنا " صفق الجميع ما عدا ولدا فى الثانية عشرة قال :


" انها ليست كما قال سيدي ان الألاف المؤلفة من الكائنات ونحن أنفسنا ننتمي إلي نفس الفصيلة ، لا يوجد نبيل ووضيع . انه فقط بسبب الحجم والقوة أو المكر ، يسود أحد الأنواع علي الآخر ويتغذي أحدها بالأخر .. ولا أحد منها أُنتج لخدمة أغراض الأخرين . الانسان يمسك ويأكل ما هو مناسب لطعامه ، ولكن كيف يمكن اعتبار أن السماء انتجتها له تماما ؟ أن البعوض يمتص من دمه والنمور والذئاب تلتهم لحمه ، لكنا لا نستطيع القول أن السماء أنتجت الانسان لمنفعة البعوض والذئاب والنمور " توضح الحكاية أن الإنسان حينما يغتر بنجاحه وسيطرته علي بقية الكائنات ينسي أن هذا الوضع أُنتج من طبيعة الأمور الحالية وبفضل كفاءة ذكاء الإنسان مقارنة ببقية الكائنات التي فشلت إلي حد كبير فى صراعها مع الإنسان ، ويعتقد أن هكذا هو الوضع العادل و ما ينبغي أن يكون و الكون بأكمله يتمركز حول هذه الغاية ! ناسيا تاريخ أسلافه فى الغابة الحافل بإخفاقات أمام بقية الكائنات القوية والشرسة . فى هذا السياق أجد مقولة دالة جدا لا أتذكر أين قرأتها تقول : " من وجهة نظر الدودة الشريطية فأن الإنسان مخلوق من أجل خدمتها ومتعتها "

الخميس، 8 أبريل 2010

الطاوية و نسبية المعرفة

المعرفة المطلقة عند الطاويين ليست لها وجود ، فهي سطحية وغباء يليقان بنا نحن المثقلون بتراث الأديان الإبراهيمية الذي ما جاء إلا ليرسخ للمطلق بكل تجلياته . فتغدو معرفة الإنسان المستمدة من هذا التراث مطلقة فوق الزمان والمكان والتجربة وغير خاضعة لصيرورة التغيرات ، فالله متعال والإنسان خاضع للطبيعة والزمان خطي يبدأ بلحظة الخلق وينتهي بيوم حساب الكائن الإنساني الذي أصله من أدم ... إلي أخر هذه الخرافات ! لنري حوار دار بين اثنين من أباء الطاوية لنعرف إلي أي مدي كانت نظرتهم عميقة وبعيدة عن الاستسهال :

سأل يه تسويه وانغ يي : أتدري فيم تتفق الأشياء ؟

أجاب وانغ : أنّي لي أن أدري .

فسأله : أتدري ما الذي لا تدري به ؟

أجاب : أنّي لي أن أدري

فسأله : هل جميع الأشياء ليست لها دراية ؟

أجاب : أنّي لي أن أدري . وعلي أي حال سأسعي لأقول شيئا . كيف أعرف أن ما أقول أني اعرفه قد لا يكون فى الحقيقة هو مالا اعرفه ، وكيف اعرف ان ما اقول اني لا اعرفه قد يكون فى الحقيقة هو ما أعرفه واطرح عليك هذه الأسئلة : اذا نام انسان فى مكان وخم اوجعه حقوه وصار نصف جسده فى حكم الميت . لكن الحال مختلف مع سمك الانكليس . اذا عاش انسان فوق شجرة يصاب بالرعب والرعدة ولكن هل هذا هو حال السعادين ؟ من بين هذه الثلاثة من يعرف الطريقة الصحيحة فى السكن ؟ الناس يأكلون اللحم والغزال العشب ، والحريش يحب الأفاعي ، والبوم أو الغراب يحبان الفئران . من بين هذه الأربعة يعرف المذاق السليم ؟ ..... حينما اتبصر فى هذه الأمور اجد ان مبادئ الاحسان والاستقامة وطرائق الصح والغلط فى غاية الامتشاج والاختلاط . من أين لي ان أعرف الفارق بينها ؟

هذا الحوار السابق يبين بجلاء نسبية المعرفة والأحكام المسبقة التي تخضع لمنظور الرائي وموقعه .